أنت هنا

وأدّى الأثر التراكمي للنزاعات واختلال الأمن وموجات الهجرة القسرية والنزوح واللجوء إلى خسارة مئات الآلاف من الأرواح وملايين اللاجئين والمشرّدين وتدمير الممتلكات والبنى التحتية وتزايد نسب الفقر والبطالة وعدم المساواة وانتشار مظاهر العنف القائم على النوع الاجتماعي والممارسات الضارة ضدّ الأطفال والفئات الهشّة، كلّ ذلك مع تآكل قدرات الكثير من الدول وتقلّص فرصها وإمكاناتها وعجز الأفراد عن مواجهة التحديات والضغوط أو حتى التأقلم معها.

وجاءت جائحة كوفيد 19 ، ثم الحرب الأكرانية الروسية وما أفرزته من أزمة اقتصادية واجتماعية، لتزيد من صعوبة الوضع التنموي والإنساني وتآكل الكثير مما حقّقته جلّ الدول العربية من إنجازات وتحولات إيجابية خلال العقود السابقة في مختلف مستويات التنمية البشرية والاقتصادية، فتراجعت نسب النموّ وتعسّرت الأنظمة المالية وتوقّفت أو كادت مسارات التقليص من الفقر وتنشيط أسواق العمل وتغيّرت أولويات الكثير من الدول لتقلّص جهودها لتأمين الحقوق في الصحة العامة والتعليم والحماية الاجتماعية والبنية الأساسية وحماية البيئة وتأمين الحقوق الإنسانية للجميع، إلى التركيز على مقاومة الجائحة وتوفير ضرورات العيش لسكّانها على حساب الكثير من الحقوق الإنسانيّة الأخرى، وهو ما أدّى إلى ارتفاع نسب الفقر والبطالة وتراجع اقتصاديات الدول والارتفاع الكبير للأسعار ولنسب التضخّم وتوسع الهوّة بين الفئات السكانية وبين بلدان المنطقة. هذا فضلا عن التزايد الملحوظ للتحركات الاجتماعية وللأزمات والتجاذبات السياسية في العديد من الدول. ومن الطبيعي أن تكون الفئات السكانية الهشّة هم الأشدّ تأثّرا بهذا الوضع وبتداعيات الأزمات المتداخلة. إن مختلف هذه الأحداث تبرز أهمية هذه المراجعة خاصة وأن الأزمات أثرت على مسار تنفيذ وبلوغ أجندة أهداف التنمية المستدامة 2030.